المنتدى الاسلاميمواضيع ومسائل هامة تتعلق بتعاليم ديننا الحنيف على مذهب اهل السنة والجماعة وال البيت والسلف الصالح ومن بعدهم تابع وصحابة رضوان الله عليهم وفتاوي وكتب وحديث وتفسير .
أهلا وسهلا بك في منتديات طلاب جامعة النجاح الوطنية
الضيف الكريم سلام الله عليك , ان المنتدي مكان لتبادل المنفعة ولكي نفيد ونستفيد .. من فضلك ساهم بقدر المستطاع واجعل دورك فعال بالمنتدي على الأقل قم بشكر الشخص الذي إستفدت من موضوعه .. نحن نعمل جميعاً على نشر الفائدة نرجو المشاركة في هذا العمل ولا تكتفي بالمشاهدة فقط ...
كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالتسجيل في المنتدى والاستفادة من مزايا العضوية وانشر مواضيعك ومشاركاتك، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب به.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فلا يخفى أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الأفراد والمجتمعات، فبه يصلح العباد والبلاد، وتندفع المصائب والبلايا، وبضعفه فضلًا عن فقده تُنزَع البركات، وتُفقَد الخيرات، ويَكثُر الفساد، قال الإمام الغزالي رحمه الله: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لو طوى بساطه وأهمل علمه وعمله لتعطَّلت النبوَّة واضمحلَّت الديانة، وعمَّت الفترة، وفشت الضلالة، وشاعت الجهالة، واستشرى الفساد، وخربت البلاد، وهلك العباد، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ويضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عندما تستولي على القلوب مداهنة الخلق، ويغلب على النفوس اتِّباع الهوى، والانغماس في الشهوات.
للسلف أقوال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يسَّر الله فجمعتُ بعضًا منها، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.
أخصُّ أوصاف المؤمنين والمؤمنات: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
• قال الإمام القرطبي رحمه الله: أخص أوصاف المؤمنين: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
• قال العلَّامة صالح بن فوزان الفوزان: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم صفات المؤمنين؛ ولذلك كان ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دليلًا على ضعف الإيمان أو عدمه.
من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر قَوِيَ إيمانُه:
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: الفرد إذا دعا إلى الله عز وجل، وأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، بآداب الدعوة وشروطها، وبحسب ما أنيط به، فإنه يقوى فيه أشياء إيمانية:
أولها: أنه يضعف تسلُّط الشيطان على النفس، ويكره الشَّرَّ؛ ومِن ثَمَّ يضعف أثر الشيطان عليه في تحبيب الشر إليه.
أثره عليه من جهة العزة، وخاصة في مثل هذا الزمن الذي انتشرت فيه كثير من الملهيات، والمغريات، والصادَّات عن الحق والالتزام به، والمغيرات للفطرة التي جعل الله الناس عليها، هو إذا دعا، وأمر، ونهى، ونشر الخير، فإنه يكون عنده عزة، هذه العزة تبعثه على عدم قبول الشر أن يدخل إليه، عدم قبول أن ينفذ إليه ما يعكر عليه دينه.
من أثر الدعوة إلى الله عز وجل على النفس أن الداعية إلى الله عز وجل يحب أهل الخير، ويُعينهم؛ لأنه إذا أحَبَّ الدعوة، وأحَبَّ نشر دين الله عز وجل، وأحَبَّ تكثير الخير، فإنه حينئذٍ يحب أهل الخير، والمرء مع مَنْ أحَبَّ.
من أثر الدعوة على الإنسان في نفسه أن الداعية إلى الله عزَّ وجل يشعر بالسعادة، ويشعر بانشراح الصدر، ليس عند الداعية إلى الله عز وجل قلق ولا ريب في صدره، ولا بُعْد عن السكينة والطُّمَأْنينة؛ لأنه دعا.
وآخرها: أن الدعوة إلى الله عز وجل تُوطِّن الإنسان المسلم الذي يمشي في هذا السبيل، تُوطِّنه على أمر عظيم جَلَل، وهو حُبُّ الآخرة وعدم الركون إلى الدنيا، والركون إلى الدنيا وحب الدنيا هو رأس كل خطيئة.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مما يعصم من البلاء:
قال القرطبي: قيل: كل بلدة فيها أربعة فأهلها معصومون من البلاء: إمام عادل لا يظلم، وعالم على سبيل الهدى، ومشايخ يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويُحرضون على طلب العلم والقرآن، ونساؤهم مستورات لا يتبرجن تبرُّج الجاهلية الأولى.
الله عز وجل ناصر الآمر والناهي عاجلًا أو آجلًا:
قال قوام السُّنَّة الإمام الأصفهاني رحمه الله: ينبغي لكل أحد إذا رأى منكرًا أن ينهى عنه، ويعتقد أن الله ينصره؛ قال الله عز وجل: ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾ [محمد: 7]، فكُلُّ من يريد بقوله وعمله رِضا الله ينصره الله ويُعينه.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب كفائي ما قام أحد به كما ينبغي:
قال العلَّامة ابن باز رحمه الله: الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد كُلُّها فروض كفاية، إن قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وإن لم يقم به من يكفي، فكُلٌّ له نصيبه من الدعوة حسب علمه...ونعتقد أنه ما قام أحد الآن بالواجب كما ينبغي، فهذا الفرض الكفائي ما تم، فنعتقد أنه ينبغي لكل طالب علم أن يقوم بما يستطيع من الدعوة إلى الله، والتوجيه إليه، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، كُلٌّ حسب طاقته: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16]، فلا ينبغي له أن يقول: الناس قاموا بهذا، أو هناك علماء؛ لأن هذا مما يأتي به الشيطان ليثبط الناس عن الدعوة إلى الله والنهي عن المنكر.
ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من موانع إجابة الدعاء:
قال الشيخ ناصر بن سعد الشثري: قد دلت نصوص...على أن هناك أسبابًا...لمنع إجابة الدعاء منها: التوسُّع في المعاصي...وترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سببٌ لوقوع العذاب والبلاء:
• عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أنه قال في خطبة خطبها: أيها الناس، إنكم تقرأون هذه الآية وتؤولونها على خلاف تأويلها، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ [المائدة: 105]، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من قوم عملوا بالمعاصي، وفيهم من يقدر أن ينكر عليهم، فلم يفعل إلا يوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده)).
• قال أبو الدرداء رضي الله عنه: لتأمرن بالمعروف، ولتنهن عن المنكر، أو ليسلطن الله عليكم سلطانًا ظالمًا، لا يجل كبيركم، ولا يرحم صغيركم، ويدعو عليه خياركم فلا يُستجاب لهم، وتستنصرون فلا تنصرون، وتستغفرون فلا يغفر لكم.
• قال الله جل وعلا: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ﴾ [الأنفال: 25]، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: في رواية عن ابن عباس في تفسير هذه الآية: أمر الله المؤمنين ألَّا يقروا المنكر بين ظهرانيهم فيعمهم الله بالعذاب، وهذا تفسير حسن جدًّا.
• قال بلال بن سعيد: إن المعصية إذا أخفيت لم تضرَّ إلا صاحبها، فإذا أعلنت ولم تغير أضرَّت العامة.
• قال يحيى بن أبي كثير: أمر رجل بالمعروف ونهى عن المنكر، فقال له رجل: عليك نفسك، فإن الظالم لا يضر إلا نفسه، فقال أبو هريرة: كذبت والله الذي لا إله إلا هو، ثم قال: والذي نفسي بيده أن الحبارى لتموت هزلًا في وكرها بظلم الظالم، قال الثمالي ويحيى بن سلام: يحبس الله المطر فيهلك كل شيء.
• قال الإمام ابن العربي رحمه الله: الذنوب منها ما يُعجِّل الله عقوبته، ومنها ما يمهل بها إلى الآخرة، والسكوت على المنكر تتعجَّل عقوبته في الدنيا بنقص الأموال والأنفس والثمرات.
• قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
قوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أنزل الله بقومٍ عذابًا أصاب العذابُ مَنْ كان فيهم، ثم بعثوا على أعمالهم)) في الحديث تحذير وتخويف عظيم لمن سكت عن النهي، فكيف بمن داهن؟! فكيف بمن رضي؟! فكيف بمن أعان؟! نسأل الله السلامة.
استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف.
يكون إهلاك الجميع عند ظهور المنكر والإعلان بالمعاصي.
• عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا منه، ثم تدعونه فلا يستجيب لكم))؛ [أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن].
قال الإمام المباركفوري رحمه الله: والمعنى: والله، إنَّ أحد الأمرين واقع، إمَّا الأمر والنهي منكم، وإمَّا إنزال العذاب من ربكم، ثم عدم استجابة الدعاء له في دفعه عنكم، بحيث لا يجتمعان ولا يرتفعان، فإن كان الأمر والنهي لم يكن عذاب، وإن لم يكونا كان عذاب عظيم.
• قال العلامة السعدي رحمه الله:
إنما كان السكوت عن المنكر مع القدرة موجبًا للعقوبة؛ لما فيه من المفاسد العظيمة؛ منها: أن مجرد السكوت فعل معصية وإن لم يباشرها الساكت، فإنه كما يجب اجتناب المعصية، فإنه يجب الإنكار على من فعل المعصية.
إذا ظهر الظلم فلم يغير؛ فإن عقوبته تعم الفاعل وغيره، وتُتَّقَى هذه الفتنة بالنهي عن المنكر، وقمع أهل الشر والفساد، وألَّا يُمكَّنوا من المعاصي والظلم مهما أمكن.
• قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: وجود الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأمة، ضمان من وقوع العذاب، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مؤذن بوقوع العقاب العاجل.
وجود المعاصي مع عدم إنكارها يجعل الجاهل يظن أنها مستحسنة:
قال العلامة السعدي رحمه الله: المعصية مع تكررها وصدورها من كثير من الأشخاص وعدم إنكار أهل الدين والعلم لها، يظن أنها ليست بمعصية، وربما ظن الجاهل أنها عبادة مستحسنة، وأي مفسدة أعظم من اعتقاد ما حرم الله حلالًا، وانقلاب الحقائق على النفوس ورؤية الباطل حقًّا؟!
الشيطان يُخوف المؤمنين بأوليائه، فلا يأمرونهم بمعروف ولا ينهونهم عن منكر:
• قال الله جل جلاله: ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 175]؛ قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ومن كيد عدوِّ الله: أنه يخوف المؤمنين من جنده وأوليائه، فلا يجاهدونهم، ولا يأمرونهم بالمعروف، ولا ينهونهم عن المنكر، وهذا من أعظم كيده بأهل الإيمان.
• قال عبدالله العمري رحمه الله: إن من غفلتك عن نفسك إعراضك عن الله، بأن ترى ما يسخطه، فتجاوزه، ولا تأمر ولا تنهى عن المنكر؛ خوفًا ممن لا يملك لك ضرًّا ولا نفعًا، ومن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مخافة المخلوقين نزعت منه الهيبة.
• قال العلامة العثيمين رحمه الله: شدة عداوة الشيطان لبني آدم؛ حيث يرعبهم ويخوِّفهم بأوليائه، وأنه يجب على المؤمن ألَّا يخاف من أولياء الشيطان؛ لقوله: ﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 175]، وكلما قوي الإيمان بالله، قوي الخوف منه، وضعُف الخوف من أولياء الشيطان.
عدم القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من العقوبات الدينية:
قال العلامة العثيمين رحمه الله: العقوبة أنواع كثيرة: منها ما يتعلَّق بالدين، وهي أشدُّها؛ لأن العقوبات الحسيَّة قد يتنبَّه لها الإنسان، أمَّا هذه فلا ينتبه لها إلا مَنْ وفَّقه الله، وذلك كما لو خفت المعصية في نظر العاصي، فهذه عقوبة دينية تجعله يستهين بها، وكذلك التهاون بترك واجب، وعدم الغيرة على حرمات الله، وعدم القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل ذلك مصائب، ودليله قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ﴾ [المائدة: 49].
تلبيس إبليس على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر:
قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: يلبس إبليس على بعض المتعبدين فيرى منكرًا ولا ينكره، ويقول: إنما يأمر وينهى من قد صلح، وأنا ليس بصالح، فكيف آمر غيري، وهذا غلط؛ لأنه يجب عليه أن يأمر وينهى، ولو كانت تلك المعصية فيه، إلا أنه متى أنكر متنزهًا عن المنكر أثَّر إنكاره.
ميت الأحياء الذي لا ينكر المنكر:
سُئل حذيفة رضي الله عنه عن ميت الأحياء، فقال: الذي لا ينكر المنكر بيده، ولا بلسانه، ولا بقلبه.
الاتحاد وعدم التفرُّق من أسباب القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
قال العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله: إليك سرًّا عظيمًا من أسرار القرآن، فإن الله سبحانه وتعالى لما قال: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104].
والأمر بالمعروف كما قال ابن جرير: قوله: ﴿ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ﴾، فإنه يعني: تأمرون بالإيمان بالله ورسوله، والعمل بشرائعه، و﴿ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾؛ يعني: تنهون عن الشرك بالله، وتكذيب رسوله، وعن العمل بما نهى عنه.
لما ذكر الله هذه الآية- ومعناها كما علمت في الشمول للدعوة إلى الله تعالى - أعقبها الله تعالى بقوله: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 105]، وفي هذا إشارة لطيفة وربط عظيم بين واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والافتراق، فكأنَّ هاتين الآيتين تشيران إلى أنه لا يمكن للأمة أن تقوم بهذا الواجب إلا إذا كانت مُتَّحِدة متعاضدة متماسكة، أمة واحدة وجسدًا واحدًا، أمَّا إذا افترقت الأمة، وتوزَّعَتْها النِّحَل والأهواء والفِرَق، فهي عاجزة بنفسها، فلا يمكن لها القيام بالواجب عليها نحو غيرها.
الغرباء الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر:
قال العلَّامة ابن باز رحمه الله: الغرباء الذين يَصْلحون عند فساد الناس، ويُصلِحون ما أفسد الناس، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
حال بعض السلف مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
عن شجاع بن الوليد قال: قال أبي: كنتُ أخرجُ مع سفيان الثوري رحمه الله، فما يكاد لسانه يفتر عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ذاهبًا وراجعًا.
الرفق واللين عند الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر:
• قال الإمام النووي رحمه الله: ينبغي للآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر، أن يرفق ليكون أقرب إلى تحصيل المطلوب.
• قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: حسن الملاطفة، والرفق في الإنكار.
• قال العلامة عبدالله بن محمد بن حميد رحمه الله: الآمر والناهي ينبغي أن يستعمل الأساليب التي فيها لين ورفق ورحمة؛ لكي يحبه الناس، ويستمعوا إلى قوله، ولكي تنعطف قلوبهم إليه؛ لأنك تسعى لإصلاحهم ولمِّ شملهم وتعليمهم وهدايتهم، لا الشماتة بهم وتحقيرهم وفضحهم والسخرية منهم، وهذا ديدن الطبيب، فإنه لا ينتهر المريض؛ بل يلين له القول حتى يقبل منه ويستمع إليه.
• قال العلامة عبدالله بن حسن القعود رحمه الله: كلما كان الإنسان هاديًا، وكان متحببًا إلى الناس، وكان ملتزمًا للخير كان أدعى لقبول قوله وأسمع.
ومن الأساليب اللين والتودُّد، يقول تعالى: ﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159]، بيَّن لنا الله سبحانه وتعالى أن اللين والتودُّد في الدعوة، وفي الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ما لم يكن فيه إهانة للعلم، وإهانة للآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر.
• قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: ومما يندب إلى إلانة القول فيه: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يكون برفق، كما قال تعالى في حق الكفار: ﴿ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل: 125]، وكان كثير من السلف لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلا سرًّا فيما بينه وبين من يأمره وينهاه.
لا يشترط في الآمر والناهي أن يكون كامل الحال:
• قال الإمام النووي رحمه الله: لا يشترط في الآمر والناهي أن يكون كامل الحال؛ بل عليه الأمر وإن كان مخلًّا بما يأمر به، والنهي وإن كان متلبسًا بما ينهى عنه، فإنه يجب عليه أن يأمر نفسه، وينهاها، ويأمر غيره، وينهاه، فإذا أخلَّ بأحدهما، فكيف يباح الإخلال بالآخر؟
• قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: لا بُدَّ للإنسان من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والوعظ والتذكير، ولو لم يعظ الناس إلا معصوم من الزلل لم يعظ الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد؛ لأنه لا عصمة لأحد بعده:
لَئنْ لم يَعظِ العاصينَ مَنْ هو مُذنِب
فمَن يَعظِ العاصينَ بعدَ محمَّدٍ
درجات إنكار المنكر:
• قال ابن القيم رحمه الله: إنكار المنكر أربع درجات:
• قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ترك إنكار المنكر خشية الوقوع في أنكر منه.
وجوب التأنِّي عن الإنكار في المحتملات.
كراهة المنكر بالقلب ومغادرة المكان عند العجز عن الأمر بالمعروف:
• كان عبدالله بن عمر رضي الله عنهما يأتي العمال، ثم قعد عنهم، فقيل له: لو أتيتهم فلعلَّهم يجدون في أنفسهم، فقال: أرهب أن تكلمت أن يروا أن الذي بي غير الذي بي، وإن سكتُّ رهبت أن آثم، قال الإمام الغزالي رحمه الله: وهذا يدل على أن من عجز عن الأمر بالمعروف، فعليه أن يبعد عن ذلك الموضع.
• قال الإمام النووي رحمه الله: القيام بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، أجمع العلماء على أنه فرض كفاية، فإن خاف من ذلك على نفسه، أو ماله، أو على غيره، سقط الإنكار بيده، ولسانه، ووجبت كراهته بقلبه.
• قال ابن حجر رحمه الله: إنكار المنكر بإظهار الغضب إذا لم يستطِع أكثر منه.
الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر مُعرَّض للأذى من شياطين الإنس والجن:
• قال أويس القرني: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يدعا للمؤمن صديقًا.
• قال الإمام الشاطبي: نأمرهم بالمعروف فيشتمون أعراضنا، ويجدون على ذلك أعوانًا من الفاسقين حتى والله لقد رموني بالعظائم، وأيم الله، لا أدع أن أقوم فيهم بحقه.
• قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: فيه الترغيب في احتمال الأذى عند بذل النصيحة، ونَشْر الموعظة.
• قال الإمام البقاعي رحمه الله: اعلموا أيها الإخوان... أنه لا يقدمعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا من جعل نفسه هدفًا للحتوف، وتجرع مُرَّ الكلام ما هو أمرُّ من السهام، فإن الناهي عن المنكر يُعاني الهوان الأكبر، بمعاداة كل شيطان من الإنس والجان، يقوم عليه الجيلان، ويرشقه بسهام الأذى القبيلان، شياطين الإنس ظاهرًا بالمقال والفعال، وشياطين الجن باطنًا بما يوحون إليهم من الضلال.
من أؤذى عند أمره ونهيه، فعليه بالصبر:
قال عز وجل: ﴿ يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [لقمان: 17]، قال السعدي رحمه الله: لما علم أنه لا بُدَّ أن يبتلى إذا أمر ونهى وأن في الأمر مشقة على النفوس أمره بالصبر على ذلك.
من الإحسان للناس أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر:
• قال العلامة العثيمين رحمه الله: كل إنسان يأمرك بمعروفٍ أو ينهاك عن منكر، فقد أسدى إليك خيرًا.
• قال الشيخ ناصر بن سعد الشثري: الإحسان إلى الخَلْق ليس بتحقيق مرادهم والسير على مقتضى ما تهواه نفوسهم؛ بل قد يكون من الإحسان إبعاد الإنسان عن هواه...فكم من إنسان يرغب فيما يلحق الضرر بنفسه كما يفعله أصحاب المُخدِّرات والمسكرات، فالإحسان إليهم يكون بردعهم عن ذلك، وأمرهم بالمعروف، وإلزامهم به، ونهيهم عن المنكر وإلزامهم بتركه.
من أسباب السعادة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
قال الشيخ عبدالعزيز بن محمد السدحان: من أسباب السعادة: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وذلك مع نفسك أولًا، ثم مَنْ تَعُول، ثم مَعَ مَنْ تستطيع.
مما ينفع العبد في قبره أعماله الصالحة ومنها أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: العبد إنما يُؤنسه في قبره عمله الصالح، فكُلَّما أكثر من الأعمال الصالحة؛ كالصلاة، والقراءة، والذكر، والدعاء، والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كان ذلك هو الذي ينفعه في قبره.