المنتدى الاسلاميمواضيع ومسائل هامة تتعلق بتعاليم ديننا الحنيف على مذهب اهل السنة والجماعة وال البيت والسلف الصالح ومن بعدهم تابع وصحابة رضوان الله عليهم وفتاوي وكتب وحديث وتفسير .
أهلا وسهلا بك في منتديات طلاب جامعة النجاح الوطنية
الضيف الكريم سلام الله عليك , ان المنتدي مكان لتبادل المنفعة ولكي نفيد ونستفيد .. من فضلك ساهم بقدر المستطاع واجعل دورك فعال بالمنتدي على الأقل قم بشكر الشخص الذي إستفدت من موضوعه .. نحن نعمل جميعاً على نشر الفائدة نرجو المشاركة في هذا العمل ولا تكتفي بالمشاهدة فقط ...
كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالتسجيل في المنتدى والاستفادة من مزايا العضوية وانشر مواضيعك ومشاركاتك، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب به.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلاالله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فقد اشتملت سورة البروج على فوائد جمة، فمن ذلك :
1- أن السماء وما فيها من البروج وهي النجوم، أو منازل الشمس والقمر - من أعظم الآيات الدالة على قدرة الله عز وجل وحكمته، وهذا هو سرُّ القسم بها.
2- التنبيه إلى أن اليوم الموعود حق، وأنه آتٍ لا محالة، وذلك للقسم به، وهذا نظير قوله تعالى: ﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾ [القيامة: 1].
3- أن الله قد يسلِّط أعداءه على أوليائه، فلا تستغرب إذا سلط الله الكفار على المؤمنين فقتلوهم وحرَّقوهم؛ فالله تعالى له في هذا حكمة؛ قال تعالى: ﴿ فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمد: 4].
والمصابون من المؤمنين أجرهم عند الله عظيم، رفعة لدرجاتهم، وتكفيرًا لسيئاتهم، وهؤلاء الكفار المعتدون أملى لهم الله مكرًا بهم، واستدراجًا لهم، وسيأخذهم أخذ عزيز مقتدر، والباقون لهم عبرة وعظة فيما حصل لإخوانهم؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾ [إبراهيم: 42].
4- أن هؤلاء الكفار لم ينقموا على المسلمين إلا شيئًا واحدًا، وهو أنهم يؤمنون بالله العزيز الحميد، وهذا ليس بذنب، بل هذا هو الحق، ومن أنكره فهو الذي يُنكر عليه»[1].
5-لعن الله للكافرين الظالمين، وهو معنى قُتل في قوله تعالى: ﴿ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ ﴾ [البروج: 4]؛ أي لُعن، واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله.
6- أن النار أعظم ما يُعذب به، ولذا حرم في الإسلام التعذيب بالنار، فلا يعذب بالنار إلا ربُّها [2].
7- قال القرطبي رحمه الله: «قال علماؤنا: أعلم الله سبحانه المؤمنين من هذه الأمة في هذه الآية ما كان يلقاه من وحَّد الله قبلهم من الشداد يؤنسهم بذلك، وذكر لهم النبي صلى الله عليه وسلمقصة الغلام؛ ليصبروا على ما يلاقون من الأذى والآلام والمشقات التي كانوا عليها، ليتأسَّوْا بمثل هذا الغلام في صبره، وتصلُّبه في الحق وتمسُّكه به، وبذله نفسه من أجل إظهار دعوته، ودخول الناس في الدين مع صغر سنه، وكذلك الراهب صبر على التمسك بالحق حتى نُشر بالمنشار، وكذلك كثير من الناس لَما آمنوا بالله تعالى، ورسخ الإيمان في قلوبهم، صبَروا على الطرح في النار، ولم يرجعوا عن دينهم، وإن الصبر على ذلك لمن قويت نفسه وصلُب دينه أولى؛ قال الله تعالى عن لقمان الحكيم: ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [لقمان: 17].
وروى الترمذي في سننه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الجِهَادِ كَلِمَةَ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ»[3].
وروى ابن ماجه في سننه من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم أَنْ: «لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَإِنْ قُطِّعْتَ وَحُرِّقْتَ....»[4].
ولقد امتُحن كثيرٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلمبالقتل، والصلب، والتعذيب الشديد، فصبروا ولم يلتفتوا إلى شيء من ذلك، ويكفيك قصة عاصم وخبيب وأصحابهما، وما لقوا من الحروب والمحن، والقتل، والأسر، والحرق»[5].
8- من الأصرار والأغلال التي كانت على الأمم السابقة أنه لا رخصة لمن أُكره منهم أن يتكلم بالكفر، وقد وضع الله ذلك عن هذه الأمة، فقال تعالى:﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النحل: 106]، وهذا من محاسن هذا الدين وسماحته.
9- أن المرء كلما كان أعظم إيمانًا كان بلاؤه أعظم، ولذلك تعرض أنبياءالله للقتل كيحيى وزكريا وغيرهم، على أيدي اليهود وغيرهم من الكفرة الفجرة؛ قال تعالى: ﴿ لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ [آل عمران: 181].
روى الترمذي في سننه من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاءً؟ قال: «الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى قَدْرِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى قَدْرِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ»[6]،[7].
10- حلم الله العظيم على عباده، فمع أنهم قتلوا أولياءه وأحبابه، وأحرقوهم بالنار، إلا أنه يدعوهم إلى التوبة، قال الحسن البصري رحمه الله: «انظروا إلى هذا الكرم والجود! قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة»[8]؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ﴾ [البروج: 10].
11- إن في ذكر فرعون وثمود فائدتان:
الأولى: تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وتقويته، وأن الذي نصر رسله من قبل سوف يؤيده وينصره ويعزِّزه، وهذا لا شك أنه يقوِّي العزيمة ويشحذ الهمم في الدعوة إلى الله وتبليغ رسالاته.
الثانية: تهديد ووعيد شديد لكفار لقريش الذين كذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم،ووقفوا له بالمرصاد، وأنهم ليسوا أشد قوة من فرعون وثمود، ومع ذلك أصابهم الدمار والهلاك، ووقع عليهم كلمة العذاب[9].
قال القرطبي رحمه الله: وإنما خص فرعون وثمود؛ لأن ثمود في بلاد العرب، وقصتهم عندهم مشهورة وإن كانوا من المتقدمين، وأمر فرعون كان مشهورًا عند أهل الكتاب وغيرهم، وكان من المتأخرين في الهلاك، فدل بهما على أمثالهما في الهلاك، والله أعلم[10].
قال القرطبي رحمه الله: قيل: ﴿ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ﴾ لكفرهم، ﴿ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ﴾ في الدنيا لإحراقهم المؤمنين بالنار، وقد تقدم عن ابن عباس رضي الله عنه، وقيل: ﴿ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ﴾؛ أي ولهم في الآخرة عذاب زائد على عذاب كفرهم بما أحرقوا المؤمنين.
وقيل: لهم عذاب الجحيم وعذاب الحريق، والحريق اسم من أسماء جهنم كالسعير، والنار دركات وأنواع ولها أسماء، وكأنهم يعذبون بالزمهرير في جهنم، ثم يعذبون بعذاب الحريق، فالأول عذاب ببردها والثاني عذاب بحرها»[11].
13- في قوله: ﴿ ذو العرش ﴾، فأضاف العرش إلى نفسه كما تضاف إليه الأشياء العظيمة الشريفة، وهذا يدل على عظمة العرش، وقربه منه تعالى واختصاصه به، بل يدل على غاية القرب والاختصاص، كما يضيف إلى نفسه بـ«ذو» صفاته القائمة به كقوله: ﴿ ذُو الْقُوَّةِ ﴾ [الذاريات: 58]، و ﴿ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 27]، ويقال: «ذو العزة، وذو الملك، وذو الرحمة.. ونظائر ذلك»، فلو كان حظ العرش منه حظ الأرض السابعة، لكان لا فرق أن يقال: ذو العرش، وذو الأرض»[12].
14- في قوله تعالى: ﴿ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾ [البروج: 16]، إن ما أراده الله فعله لا راد لأمره ولا معقِّب لحكمه، وما فعله فقد أراده، بخلاف المخلوق فإنه يريد ولا يستطيع أن يفعل، ويفعل ما لا يريد، فما ثم فعال لما يريد إلا الله وحده.
15- أن كفار قريش لم ينتفعوا بما جاءهم من أنباء الأمم قبلهم الذين أهلكوا بتكذيبهم لرسل الله، بل هم مغرقون في التكذيب اتباعًا لأهوائهم؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [غافر: 56].
16- أن من أبلغ المواعظ قصة ثمود قوم صالح وقصة فرعون، وما جرى عليهم من الإهلاك بالصيحة وبالغرق، وقد جاء ذكرهما في مواضع كثيرة من القرآن؛ ليتَّعظ بذلك من أراد الاعتبار بما جرى لهما.
17- أن القرآن عظيم القدر، وهو مكتوب في اللوح المحفوظ، والمراد باللوح المحفوظ الكتاب الأول الذي هو أم الكتاب.
18- أن اللوح محفوظ لا يَمسه إلا الملائكة المطهرون؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ [الواقعة: 77 - 79].